اعتيادي لكنه قيّم
"By: Charlotte.ager "Worrying about the worriers |
في رواية - تلك العتمة الباهرة - للمؤلف الطاهر بنجلّون
التي تُصنَف من أدب السجون وتدور حول أحداث حقيقية
لسجناء تزمامارت، قرأتُ عبارة كُتِبتْ وتوقفتُ عندها كثيرًا
واحتفظتُ بها كذلك في مذكرتي
تقول:
"إن أكثر الأمور الاعتيادية تفاهةً،تُصبح في المِحن العصيبة
غير اعتيادية، لا بل أكثر ما يرغب فيه من أمورِ الدنيا"
وهذا صحيح وواقعي أيضًا فإننا نعتاد على وجود الأشياء
بشكلٍ يومي فلا نعد نلاحظ أهميتها بل وتصبح مثل أي شيء
عادي لا يُؤخذ بعين الاعتبار إلا عندما تصبح ضبابية
نتيجة الأحداث العصيبة التي تُصيبنا فهنا تتوسع الرؤية
ويكبر الإدراك شيئًا فشيئًا..
في الأشهر الماضية مررتُ بليالٍ صعبة، لا تنتهي وكانت
رغبتي تدور حول كيفية الخروج منها؟
تركتُ كل ما بحوزتي وفكرتُ بعمق وانغماس مندفع بينما
في كل مرةٍ أبحث عن حل أجدني أغرق في التخلّي
عما حولي حتى عن نفسي.
لكن في ذات ليلة، بدون أي تخطيط خرجتُ للبقالةِ
مشيًا على الأقدام حيث كان الهواء قوي وثقيل
لكنه ليس أثقل من خطواتي..
ذهبتُ دون أي معرفة عن سبب خروجي
وأنا أتجولُ مثل طفلٍ ضائعٍ بين خياراتٍ عديدة، وقعت عيني
على البسكويت المرتبط بالزمن القديم "أبو ولد" فأخذته
بسرعة هائلة وخرجت..
وبينما كنتُ أتفقده أثناء عودتي ضحكتُ كثيرًا
فكيف يمكن لشيء كهذا أن يحل مشاكلي كلها واحدةً
تلو الأخرى؟ أهذا ماكنتُ أبحث عنه؟
ربما بشكلٍ أو آخر كان شيء اعتيادي لكنني رغبتُ به كثيرًا
لأتوقف قليلًا عن التفكير أو لأتصالح مع فكرة أن ثمة لحظات
عادية لكنها أهم من العمق الذي أدورُ حوله
كقدرتي على المشي، ملمس الأشياء والنظر إليها
الشعور باندفاع الهواء والإستماع لصوتي وأنا أضحك..
مؤخرًا، عملتُ بنصيحة صديقتي رغبةً للبحث عن المحاولات
الصادقة في التمعن بالأمور الاعتيادية وتقديرها
فحدثتني قائلة :
" عليكِ بالتدوين اليومي لأي شيء تقومين به حتى لو كان فعل
روتيني مثل شربك للماء، قد يجدي هذا التدوين نفعًا ويشعرك بالراحة
ولايهم طول القائمة أو شعورالإنجاز الكبير
بقدر مايهم إدراكك لقيمتها"
وبالفعل ! بدأت تمامًا بعد إغلاق المكالمة، وكانت أجمل نصيحة
أخذتُ بها، فلاحظت أنني لم أهتم بطولِ القائمة كما قالت
بقدرِما أحببتُ حدوث الأشياء وتفاصيلها
التي جعلني الله أعيشها بهناء.
في النهاية، نحنُ لسنا مخططًا ورقيًا يستوجب علينا تنفيذه
بالكامل؛ حتى نوجه أنفسنا للخلاص أو للإنقاذ
فكل الأشياء الصعبة التي نعيشها ليست بقاعدةٍ ثابتةٍ
ستبقى برفقتنا للأبد
وهذا لا يعني التغاضي التام عما نعيشه لكن علينا ألّا نبالغ
في التفكير فنفقد قيمة كل ما يدور حولنا.
جميل النص، ولفتة رائعة منك وبصراحة غالبيتنا نعاني من هالنقطة
ردحذفاتطلّع للنص القادم يا نوف..
أشكرك على هذه الكلمات .
حذف